أفسدت السياسة فرحة أبناء المنية بانجازهم الذي حققوه بتأمين التيار الكهربائي لمنطقتهم 20 ساعة في الـ 24، بعد ضغوطات مارسها الأهالي على مدار إسبوع كامل تمثلت باعتصام مفتوح ووصلت الى التهديد باقفال المعمل.
لم تكد محركات معمل دير عمار تنطلق إيذانا بترجمة هذا الانجاز، حتى واكبتها محركات "زرقاء" إنطلقت من الأمانة العامة لـ"تيار المستقبل" في بيروت وصولا الى المنية، في محاولة لمصادرة هذا الانجاز وإستثماره شعبيا وإنتخابيا.
هذا الواقع أثار حالة غضب عارمة في صفوف من أمضوا أياما وليالي في خيمة الاعتصام أمام المعمل، وفي مقدمتهم رئيس المركز الوطني كمال الخير الذي أكد أن الانجاز الذي تحقق هو إنجاز لأبناء المنية فقط، ولو كان أحمد الحريري قادرا على تحصيل التغذية الكهربائية لكان قام بذلك في صيدا التي تعاني من تقنين قاس.
ويبدو واضحا أن إنتهاء الأزمة الكهربائية في المنية، قد أطلق السباق الانتخابي في المنطقة، وهذا يؤشر الى صراع سياسي من العيار الثقيل بدأت بوادره تظهر في المنطقة، وهو مرشح للتمدد الى العائلة الواحدة، مع إستعادة لمصطلحات "إتهامية" سياسية تقليدية، كانت تستخدم في معارك سياسية وإنتخابية سابقة.
ويبدو واضحا أيضا، أن مسارعة أحمد الحريري الى تبني إنجاز رفع ساعات التغذية الكهربائية الى 20 ساعة، وإعطائه التوجيهات الى ماكينته في المنية بالتحرك في هذا الاتجاه وإبلاغ الأهالي بداية، بأن "الشيخ" يتابع ويتحرك، ومن ثم إبلاغهم بعد ساعات بأن الأمور "ظبطت مع الشيخ" والكهرباء ستعود، كل ذلك يشير الى الأزمة الكبيرة التي يتخبط فيها "تيار المستقبل" الذي يبحث عن أي إنتصار في أي مكان، وهميا كان أم حقيقيا، لاعادة وصل ما إنقطع مع شارعه.
لكن المستغرب أن الشارع المتنازع عليه في أزمة الكهرباء هو شارع المنية (مدينة رفيق الحريري) والتي دخل إليها تيار المستقبل هذه المرة كـ"شريك مضارب" على الأهالي الذين نجحوا في تشكيل ضغط غير مسبوق على مؤسسة كهرباء لبنان من خلال الحشود التي تجمعت أمام المعمل وعلى رأسها كمال الخير، علما أن إتهامات سرت خلال الاعتصامات بأن "تيار المستقبل" هو من يقف وراء عودة التقنين الى المنية بعد ايام من الاتفاق الأول الذي عقد بين الخير ورئيس مجلس إدارة المؤسسة كمال الحايك، لقطع الطريق على الخير من تحقيق أي إستفادة من هذا الانجاز.
أمام هذا الواقع شعرت القيادة المركزية لـ"المستقبل" بأنها في مأزق سياسي حقيقي في المنية، خصوصا أن البيان اليتيم الذي أصدره النائب كاظم الخير ونفى فيه هذه الاتهامات، لم يقنع المحتجين الذين كانوا ينامون في خيمة الاعتصام، كما لم يقنع ابناء المنية الذين إستهجنوا بالأمس محاولة "المستقبل" سرقة إنجازهم، وتسخيف تحركاتهم، وتجيير الانجاز الى بعض الاتصالات والاجتماعات وتوزيع الرسائل والصور على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حاول التيار من خلالها الايحاء بأن أمينه العام هو من ساهم في تحقيق الانجاز الكهربائي، في الوقت الذي كان فيه كمال الخير يشرف على إزالة الخيمة من أمام معمل دير عمار، بالتزامن مع إحتفالات شعبية إنطلقت من دارة الخير، الى مختلف أنحاء المنية وتخللها مسيرات سيارة وإطلاق المفرقعات النارية.