جهاد نافع جهاد نافع
برأي اوساط طرابلسية ان جولة وزير الخارجية جبران باسيل في طرابلس كانت جولة بصفته رئيسا للتيار الوطني الحر اكثر من كونه وزيرا للخارجية، وانها اتت بعد زيارة الوزير سليمان فرنجيه الى طرابلس تلبية لدعوة مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار والتي جمعت نواب وقيادات المستقبل.
حسب هذه الاوساط ان جولة الوزير باسيل كانت مثمرة للغاية سواء على الصعيد السياسي او على الصعيد الانمائي خلال تفقده لاهم مرفقين حيويين مرفأ طرابلس ومعرض رشيد كرامي الدولي اضافة الى الجولة التفقدية في اقسام غرفة التجارة والصناعة في الشمال.
واذا كان الوزير فرنجية قد زار طرابلس بدعوة من مفتيها الشعار وبترحيب من الرئيس سعد الحريري، فان زيارة الوزير باسيل جاءت من جامعة الجنان وهي صرح تربوي ـ اسلامي تأسس على يد الراحلة الدكتورة منى حداد يكن وباشراف احد مؤسسي الجماعة الاسلامية في لبنان الداعية الراحل فتحي يكن. وليست هي الزيارة الاولى لباسيل لطرابلس بل هي زيارة لها نكهة سياسية خاصة، يمكن قراءتها من اللقاءات التي عقدها في المدينة مفتتحا، جولته بلقاء صباحي مع الرئيس نجيب ميقاتي في دارته حول طبق من الفطور الطرابلسي التقليدي، ممزوجا بجولة افق سياسية في الاحداث الراهنة على الساحة اللبنانية. وانتقاله الى دارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس المقرب من رئيس الحكومة تمام سلام، ومن ثم اللقاء مع الوزير الصفدي الذي خط لنفسه نهجا يقارب بين الرئيس سعد الحريري والعماد عون مع حرصه على ثلاثية طرابلسية تجمعه الى ميقاتي وفيصل كرامي.
الزيارة في بعدها السياسي، رسالة الى التيارات والقوى السياسية على الساحة اللبنانية وفي اكثر من اتجاه، تشي بأن العلاقة مع ميقاتي والصفدي ودية للغاية. ومن جهة ثانية قد تكون في خلفيتها تصحيح «للدعسة» الناقصة يوم زار وفد من التيار النائب خالد الضاهر في طرابلس، والتي ادت الى علامات استفهام كثيرة لدى قواعد التيار الوطني الحر، حيث استثنى الوفد من زيارته حينها قيادات المدينة السياسية. لا سيما ان قيادة الوطني الحر وجدت نفسها محرجة حين ادلى الضاهر لاحقا بأنه لم يرشح العماد عون لرئاسة الجمهورية، بل كان في موضع المفاضلة بين عون وفرنجية.
وفي بعدها الثالث ان الزيارة شملت مقرا اسلاميا مرموقا له تاريخه في طرابلس حيث التقى باسيل نجل الداعية الراحل فتحي يكن، سالم الناشط الاسلامي الذي ينهج المنهج الاسلامي المعتدل والوسطي.
اما البعد الانمائي للزيارة فيتبلور في تفقده المرافق الاقتصادية في المدينة وتلمسه واقع التردي فيها مع ملاحظته اشراقات غرفة التجارة والصناعة التي تبذل جهودا مضنية لدفع الحركة الاقتصادية والتجارية في طرابلس والشمال.
لم تمر زيارة باسيل الى طرابلس دون تداعيات حين ركز في محاضرته التي القاها في جامعة الجنان على محاور اربعة تشكل خطرا على لبنان وفي لبنان. هي: اولا، الصهيونية. ثانيا، الارهاب التكفيري. ثالثا، النزوح السوري واللجوء ورابعا الفساد. وقد شكل موقفه الواضح من المقاومة ردة فعل لدى الوزير المستقيل اشرف ريفي الذي رد على ما ادلى به باسيل من انه جرى دعم المقاومة ضد اسرائيل ولم يكن مع المقاومة ضد الدروز او السنة وبقية الطوائف، وان التفاهم مع حزب الله لم يكن تفاهما مسيحيا شيعيا بل هو تفاهم وطني، كما شدد على مواجهة خطر الارهاب التكفيري الذي باعتباره صنيعة اسرائيل وهو خطر كما الخطر الصهيوني لا يستهدف طائفة معينة بل يستهدف جميع المواطنين بكل اطيافهم ومذاهبهم. ويبدو ان هذا الكلام قد استفز الوزير ريفي وبعض من الشارع الطرابلسي حين ذكر الوزير باسيل بالاحداث التي جرت في 7 ايار، معتبرا ان كلام باسيل استخفاف باهل المدينة وباللبنانيين، واتهم ريفي العماد عون بدعم 7 ايار وبالتحريض على ارتكابه. كما استهجن ريفي كلام باسيل الذي تحدث عن التفاعل مع المكون السني.
لقد سمع الطرابلسيون في اللقاء الذي انعقد في جامعة الجنان كلاما واضحا من الوزير باسيل حول المحاور الاربعة التي تناولها من طرابلس المدينة التي تلمس باسيل بجولته انها مدينة الانفتاح والتواصل وحاضنة لكل الطوائف والمذاهب، وان الاسلام الوسطي هو في من التقاهم واجتمع اليهم، بدءا من دخوله المدينة من بوابتها السياسية، الرئيس ميقاتي، الى بوابتها الاسلامية، في الصرح الجامعي الاسلامي الكبير، جامعة الجنان.